السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
ذم اللّه قسوة القلوب المنافية للخشوع في غير موضع، فقال تعالى:
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً }[البقرة:74].
قال الزجاج: قَسَتْ في اللغة: غَلُظَتْ ويَبِسَتْ وعَسِيَتْ.
فقسوة القلب، ذهاب اللين والرحمة والخشوع منه.
والقاسي والعاسي: الشديد الصلابة،
وقال ابن قتيبة: قَسَتْ وعَسَتْ وعَتَتْ، أي يَبِسَتْ.
وقوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة،
فإنه ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف، وليناً من غير ضعف.
وفي الأثر: القلوب آنية اللّه في أرضه، فأحبها إلى اللّه أصلبها وأرقها وأصفاها.
أسأل الله أن يجعلنا منهم
وهذا كاليد فإنها قوية لينة، بخلاف ما يقسو من العقب،فإنه يابس لا لين فيه،
وإن كان فيه قوة، وهو سبحانه ذكر وجل القلب من ذكره، ثم ذكر زيادة الإيمان عند تلاوة كتابه علماً وعملاً.
ثم لابد من التوكل على اللّه فيما لا يقدر عليه، ومن طاعته فيما يقدر عليه،
وأصل ذلك الصلاة و الزكاة فمن قام بهذه الخمس كما أمر، لزم أن يأتي بسائر الواجبات.
بل الصلاة نفسها إذا فعلها كما أمر، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما روي عن ابن مسعود، وابن عباس: أن في الصلاة منتهى ومزدجراً عن معاصي اللّه، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بصلاته من اللّه إلا بعداً.
وقوله: لم يزدد إلا بعدا، إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من اللّه أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل،
وهذا كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يَرْقُبُ الشمس حتى إذا كانت بين قَرْنَي شيطان، قام فنقر أربعاً لا يذكر اللّه فيها إلا قليلاً"،
وقد قال تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:142].
وفي السنن عن عَمَّار، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
" إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، حتى قال:إلا عشرها"،
وعن ابن عباس قال: ليس لك من صلاتك إلا ما عَقَلْت منها.
وهذا وإن لم يؤمر بإعادة الصلاة عند أكثر العلماء، لكن يؤمر بأن يأتي من التطوعات بما يجبر نقص فرضه.
ومعلوم أن من حافظ على الصلوات بخشوعها الباطن، وأعمالها الظاهرة، وكان يخشى اللّه الخشية التي أمره بها، فإنه يأتي بالواجبات، ولا يأتي كبيرة، ومن أتى الكبائر مثل الزنا، أو السرقة، أو شرب الخمر، وغير ذلك فلابد أن يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور، وإن بقي أصل التصديق في قلبه.
وهذا من الإيمان الذي ينزع منه عند فعل الكبيرة،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن".
المصدر:
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السابع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
ذم اللّه قسوة القلوب المنافية للخشوع في غير موضع، فقال تعالى:
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً }[البقرة:74].
قال الزجاج: قَسَتْ في اللغة: غَلُظَتْ ويَبِسَتْ وعَسِيَتْ.
فقسوة القلب، ذهاب اللين والرحمة والخشوع منه.
والقاسي والعاسي: الشديد الصلابة،
وقال ابن قتيبة: قَسَتْ وعَسَتْ وعَتَتْ، أي يَبِسَتْ.
وقوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة،
فإنه ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف، وليناً من غير ضعف.
وفي الأثر: القلوب آنية اللّه في أرضه، فأحبها إلى اللّه أصلبها وأرقها وأصفاها.
أسأل الله أن يجعلنا منهم
وهذا كاليد فإنها قوية لينة، بخلاف ما يقسو من العقب،فإنه يابس لا لين فيه،
وإن كان فيه قوة، وهو سبحانه ذكر وجل القلب من ذكره، ثم ذكر زيادة الإيمان عند تلاوة كتابه علماً وعملاً.
ثم لابد من التوكل على اللّه فيما لا يقدر عليه، ومن طاعته فيما يقدر عليه،
وأصل ذلك الصلاة و الزكاة فمن قام بهذه الخمس كما أمر، لزم أن يأتي بسائر الواجبات.
بل الصلاة نفسها إذا فعلها كما أمر، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما روي عن ابن مسعود، وابن عباس: أن في الصلاة منتهى ومزدجراً عن معاصي اللّه، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بصلاته من اللّه إلا بعداً.
وقوله: لم يزدد إلا بعدا، إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من اللّه أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل،
وهذا كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يَرْقُبُ الشمس حتى إذا كانت بين قَرْنَي شيطان، قام فنقر أربعاً لا يذكر اللّه فيها إلا قليلاً"،
وقد قال تعالى:
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:142].
وفي السنن عن عَمَّار، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
" إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، حتى قال:إلا عشرها"،
وعن ابن عباس قال: ليس لك من صلاتك إلا ما عَقَلْت منها.
وهذا وإن لم يؤمر بإعادة الصلاة عند أكثر العلماء، لكن يؤمر بأن يأتي من التطوعات بما يجبر نقص فرضه.
ومعلوم أن من حافظ على الصلوات بخشوعها الباطن، وأعمالها الظاهرة، وكان يخشى اللّه الخشية التي أمره بها، فإنه يأتي بالواجبات، ولا يأتي كبيرة، ومن أتى الكبائر مثل الزنا، أو السرقة، أو شرب الخمر، وغير ذلك فلابد أن يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور، وإن بقي أصل التصديق في قلبه.
وهذا من الإيمان الذي ينزع منه عند فعل الكبيرة،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن".
المصدر:
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السابع.